التهجد

التهجد وقيام الليل: من الفضائل العظيمة، جزيلة الثواب، فيها ترق القلوب، وتبيض الوجوه، وبها يرزق العبد الإخلاص، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“من قام الليل ولو بركعتين رزق الإخلاص وإن لم يتدبر ما قرأ”
ولقد حث الله رسوله- صلى الله عليه وسلم -على القيام بالليل، قال تعالى: “ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً”[الإسراء :79]
وقيام الليل ليس قاصراً على الرسول صلى الله عليه وسلم إنما على كل مسلم أن يتأسى به في هذه الفضيلة، فهي شرف المؤمن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد وصف الله تعالى أهل الجنة بكثرة قيامهم لليل، قال تعالى: “كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون”(الذاريات: 17-18).
وقال أيضاً:”تتجافى قلوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون”.(السجدة :16)
وقد وصفت السيدة عائشة قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:”كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه- أي تتشقق- فقالت له: لم تصنع هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً” رواه البخاري ومسلم.
ويعين على قيام الليل التخفف من المأكل والمشرب، وقد قال بعض الصالحين: لا تأكلوا كثيراً فتشربوا كثيراً فترقدوا كثيراً فتخسروا عند الموت كثيراً”.
كما يعين على ذلك عدم إجهاد النفس بالنهار فلا يستطيع القيام بالليل وأن يستعين على ذلك بالقيلولة كما ورد بالأثر.
ثم على الإنسان بعد ذلك أن يبتعد عن الحرام، وأن يجتنب الذنوب، قال سفيان الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته.
وعلى المرء أن يتذكر الآخرة ويتذكر الموت وما بعده، وكان بعض الناس يقول لنفسه إذا أراد النوم:
يا طويل الرقاد والغفلات كثرة النوم تورث الحسرات
إن في القبر إن نزلت إليه لرقاداً يطول بعد الممات
وعليه أن يتذكر الجنة والنار، وأن يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، يقول صلى الله عليه وسلم”عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم”رواه الترمذي.
وفي رمضان والناس يتقربون إلى الله عز وجل بصيام النهار وقيام الليل عليك أن يكون لك وقتك من آخر الليل تتهجد فيه لربك، خصوصاً وأنت تستقبل، العشر الأواخر من رمضان حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون فيها بالخير.